الاثنين، ٣٠ أبريل ٢٠٠٧

هل الاخوان خطر علي المصريين؟؟

المصريون بين خطر قائم بالفعل وخطر الإخوان محمد عبد الحكم دياب – القدس العربي
-----

ما يجري لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، يحمل دلالات بالغة الخطورة، ومهما كان الموقف السياسي أو الديني منها، فلا يجب أن يبعد أنظارنا عن المذبحة المتوقعة لها، علي ألا يكون الخلاف في الرأي أو الموقف أو منهج التناول حافزا علي ممالأة الظلم أو السكوت عن الاستبداد، والظلم الذي طال الجميع لا يستثني أحدا، حتي أنه طال من لا حول لهم ولا طول.. ممن لا يعملون بالسياسة أو أصحاب الرأي، ووصل إلي السلبيين ومن يمشون بجانب الحائط، طالتهم آلة حسني مبارك الجهنمية، وقضت سادية رجال شرطة وأمن علي آدميتهم، بعد أن توحشوا وفجروا ...
فعماد الكبير، الذي انتهك عرضه، والمعرّض للتصفية، فقد صدر ضده حكم بالسجن بتهمة مقاومة السلطات، ولن يتورع مثل هؤلاء، بعد أن وجدوا قاضيا، يصدر حكما يعيده تحت سيطرة زبانية التعذيب والقتلة وهتك الأعراض، ليتخلصوا منه، أثناء قضاء فترة العقوبة، إما بدعوي الانتحار، أو الموت تحت التعذيب لإخفاء معالم الجريمة، فوالد الضابط المتهم من مساعدي وزير الداخلية، ويحمل رتبة اللواء، واحتمال تصفيته، في السجن، احتمال مرجح، إذا ما كان الذي نسب إلي وزير الداخلية صحيحا، في تعليقه علي واقعة هتك العرض، لم يدنها واتهم الضابط المتهم بالغفلة، ولومه تركز علي تصوير لواقعة بالهاتف المحمول للمتهم، وتوزيعها علي زملائه، ليكون عبرة لغيره، فعماد الكبير، وغيره، من الأفراد العاديين، ممن هتك عرضهم أو ماتوا تحت التعذيب، لم يكن بينهم زعيم، ولا منهم من كان مشروعا لزعيم، أو سياسي أو صاحب رأي معارض، يهدد التوريث، ومصيبته أنه يعيش في زمن حسني مبارك. الزمن الذي جعل هتك العرض عنوانا له، ولم يقصر تعذيبه علي السياسيين وأصحاب الرأي، فهذا زمن الموت المجاني الممنهج. لا استثناء فيه، الموت يلاحق الجميع، وهتك العرض أو الاعتقال المفتوح، وسيلة معتمدة للتعامل. ولهذا يلجأ المواطن لكل صنوف الحيل، لتفادي التعامل مع رجال الأمن والشرطة، بعد أن أصبح ثمن ذلك باهظا، لا تتحمله طاقة كثيرين، وويل لبلد يتحول فيها جهاز الأمن إلي جهاز للترويع.
والحملة علي الإخوان المسلمين وصلت ذروتها، في الأسابيع الأخيرة.. لم تقتصر عمليات الاعتقال والملاحقة علي القيادات الوسيطة والهامة، إنما امتدت إلي القيادة العليا، باعتقال النائب الثاني للمرشد العام، مع عدد آخر من القيادات البارزة، في إشارة واضحة، لا تخطئها العين، إلي أن الاعتقال سيطال قريبا النائب الأول، وصولا إلي المرشد نفسه، ويبدو أن حسني مبارك قرر أن يقود بنفسه معركة أخيرة مع الجماعة، وكانت تصريحاته لصحيفة الأسبوع المصرية، في عددها قبل الأخير، عن خطر الإخوان المسلمين. كانت إعلانا بدخول المعركة مرحلتها النهائية. وهذا يمكن استنتاجه من منطوق التصريحات ومضمونها، فهو يدعي بأن تيار جماعة الإخوان المحظورة خطر علي أمن مصر لأنه يتبني نهجا دينيا. ولو افترضنا أن هناك صعودا لهذا التيار فسوف تتكرر في مصر تجارب أخري ليست بعيدة، لنظم تمثل الإسلام السياسي، وما تواجهه من محاولات فرض العزلة عليها وعلي شعوبها ويضيف في حالة صعود تيار الإخوان فإن كثيرين سيأخذون أموالهم ويهربون من البلاد وستتوقف الاستثمارات وتتزايد البطالة وتعزل مصر نهائيا عن العالم وهذه تصريحات تثير الشفقة أكثر من أن تستوجب التعليق.
ومصدر الشفقة هو في أنها محاولة خادعة للتغطية علي مصدر الخطر الحقيقي، وهو في وجود نظام حسني مبارك واستمراره، وفي ذلك النهج القاصر في التعامل مع القوي السياسية، ومنها الإخوان المسلمون، بعد ما ارتضت هذه القوي أن يكون الدستور أساس العلاقة التي تحكمها ببعضها وبنظام الحكم، وكان ذلك انعكاسا لتطورات طرأت علي موقف هذه القوي، لا يعيها رأس النظام ولا يفهمها، وكلها تستشعر وزن الإخوان وتأثيرهم، سواء وافقت علي خط الجماعة. أو اعترضت عليه، أو رفضته، جزئيا أو كليا، وهي تطورات ارتبطت بنمو ثقافة التصالح، والإقرار بالتنوع والتعدد والقبول بالآخر، ولم يعد الإخوان المسلمون استثناء، أو خارج سياق هذه التطورات، إلا من جانب الحزب الحاكم، وطرف حزب التجمع، وما عداهما يقر بحق الإخوان المسلمين في حزب خاص بهم، له برنامج سياسي واضح، يقر بمدنية الدولة، ويلتزم بثوابتها الوطنية والقومية والدينية. وتوظف حملة حسني مبارك العداء للإخوان لسد الطريق علي التيارات والقوي ذات الحضور في الشارع المصري. ومنها قوي وتيارات إسلامية وعروبية، وكان ذلك واضحا في رفض لجنة الأحزاب، مؤخرا، التصريح لإثني عشر حزبا.. فقد كان من بينها حزب الوسط الإسلامي، وحزب الكرامة القومي العربي، واللجنة في رفضها تعلن التزامها السافر بحق الرفض (الفيتو) الصهيو غربي تجاه هذه التيارات، باعتبارها تناصر حركات المقاومة والاستقلال، في فلسطين والعراق ولبنان، وباقي بلدان العالم، وتعمل علي تعطيل وإفشال المشروع الصهيو غربي. وهنا يمكننا أن نستثني من هذا التصنيف الجماعات الطائفية، أو المتعاونة مع النظم العميلة والموالية للسياسة الصهيوغربية، مثل حزب الدعوة الإسلامي، والمجلس الأعلي للثورة الإسلامية، الإخوان المسلمون، في العراق، يساندهم إسلاميون رسميون، يبررون الغزو، ويقرون بشرعية الاحتلال، مثل شيخ الأزهر، ومفتي الديار المصرية. وهم يمثلون الرديف الديني لسياسات إعادة احتلال المنطقة العربية، ورسم خرائطها، من جديد، لتصبح أوزان دولها بأحجام طوائفها وقبائلها ومذاهبها وأعراقها، من أجل ظهور كيانات أصغر حجما من الكيان الصهيوني، المرتب له أن يتولي زمام إدارة المنطقة، إذا ما نجح هذا المخطط.
وهذا يكشف لنا طبيعة عملية توفيق الأوضاع الجارية، ودعوة حسني مبارك لتعديلات دستورية، علي القاعدة الساداتية كله بالقانون . يفرم ويبطش ويسجن ويقتل ويصادر ويلاحق ويتلصص ويراقب ويهتك الأعراض بالقانون ، والهدف الحقيقي من التعديلات الدستورية، هو تحويلها من قوانين عامة إلي تشريعات شخصية، إذا جاز التعبير، كل تعديل يلبي مطلبا خاصا بكل فرد من أفراد عائلة حسني مبارك، ومن المتوقع، إذا ما مرت هذه التعديلات، ومن المرجح أن تمر، بتأثير عمليات التدليس الواسعة، والإرهاب النفسي والمادي الممارس علي المواطنين، وهذا عبر عنه صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الحاكم، في وصف المعارضة بقوله: إن من يعارض هذه التعديلات، حيث استخدم فيها الرئيس مبارك حقه وفقا للدستور يكون لديه فكر انقلابي علي الشرعية ، ونسي أن حسني مبارك هو نفسه الذي انقلب علي الشرعية، بقرارات شخصية منحت عائلته، ومن يعمل في خدمتها، من أعضاء منظومة الاستبداد والفساد والتبعية، التي تحرك نظامه، منحها حقوقا، باعت بموجبها القطاع العام، وركزت الثروة في يد عائلته، ومكنت مواليها من الاحتكار، وابنها الأصغر من وراثة الحكم، وألغت قاعدة الانتخاب، في شغل المناصب السياسية. ألا يمثل هذا انقلابا علي الشرعية. والنتيجة أن كل هذا جعل من نظام حسني مبارك نظاما غير شرعي. وهو ما أراد أن يؤكده للمراقبين والمهتمين بتأييد الحزب الحاكم، وأجهزة الإعلام الرسمية لإلغاء النص الدستوري علي حق القضاء في الإشراف علي الانتخابات، كمقدمة لمذبحة عامة، موجهة إلي كل القوي والجماعات السياسية، الوطنية والقومية والإسلامية، في محاولة لوقف الحراك السياسي والوطني، الذي تصاعد، خلال العامين المنصرمين.
ومصدر الإشفاق الآخر، هو أن الخطر الحقيقي علي مصر، تفاقم بعد أن أصبح نظام مبارك رأس الحربة الموجهة من طرف تحالف الاستبداد والفساد والتبعية إلي صدر الشعب والدولة، وبعد أن تمكن من صهينة القرار السياسي والاقتصادي بالكامل، وربط مصيره واستمراره في الحكم بتل أبيب، ووظف علاقته بها للضغط علي الإدارة الأمريكية للقبول به وبابنه من بعده. وفي اللحظة التي أثني فيها حسني مبارك علي أولمرت، كانت قوات هذا الأولمرت تصب حمم نارها علي رؤوس الفلسطينيين في رام الله، أثناء استقباله بشرم الشيخ، واصفا إياه بالرجل الطيب، حسب ما نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت ، واسعة الانتشار. وبعد ذلك يتحدث عن خطر الإخوان المسلمين، وحتي لو كانوا خطرا فإنه خطر مرجح، أما خطر حسني مبارك قائم بالفعل، وحتي لو صحت تصريحات الإخوان حول التمييز في التعامل مع المسيحيين، ومضاعفة الضرائب عليهم، إذا ما وصلت الجماعة إلي الحكم، فموقفهم هذا غير دستوري وغير سياسي، وينم عن عدم دراية بشؤون الاجتماع والسياسة والحكم، ويتناقض مع رغبتهم في إقامة حزب سياسي، يلتزم بالدستور، ويعترف بمدنية الدولة، ويقر بالمواطنة. ومثل هذا القول، المتناقض، يجعل الحديث عن المسيحيين، بهذه الطريقة، نوعا من اللغو، أو ضربا من الجنون، ينسف الجهود الساعية إلي دعم حقهم المشروع في إقامة هذا الحزب، وفصله عن الجماعة الدينية، حيث يصبح لكل مجاله.
جرائم نظام حسني مبارك تجاوزت الحدود، أما جرائم الإخوان المسلمين، في مصر، توقفت منذ 1965، ومن وقتها لم يعرف عنهم أنهم مارسوا عنفا، فضلا عن أن الحضّانة السعودية الأمريكية ، التي أمدتهم بالحياة والطاقة، لفترة طويلة من الزمن، غير متاحة، بنفس المستوي، في الوقت الراهن، ويتصور حسني مبارك أن غياب هذه الحضانة يجعله يسرع بإغلاق الباب، دستوريا، أمام الإخوان المسلمين، وبمنع المستقلين من الترشيح للانتخابات، لكي لا ينفذوا من خلال المستقلين، مرة أخري، إلي المجلس النيابي، كما حدث في الانتخابات الأخيرة، أما الخطوة التي اتخذها الإخوان، سواء كانت بقصد أو غير قصد، صحيحة، لكنها ستصبح مصدرا جديدا للتوتر، فمعني الإعلان عن قيام حزب سياسي، من جانبهم، بمجرد الإخطار به، دون المرور بلجنة الأحزاب، التابعة للحزب الوطني، وهو موقف صحيح دستوريا وقانونيا، ومعني ذلك يتخذون الطريق الذي سبقتهم إليه قوي التغيير الجديدة، التي انتزعت حقها في الإضراب والاحتجاج والتظـــاهر والعصيان، بالخروج إلي الشارع، وخطوة الإخوان المسلمين تسير في هذا الاتجاه، وإذا ما اكتملت، فإنهم يفتحون الطريق أمام الأحزاب، الواقفة علي أبواب لجنة الأحزاب، انتظارا لقرارها، لتحذو حذوهم، وسوف تكون هذه المحاولة، إذا ما نجحت، فتحا أمام الحراك السياسي والوطني، الذي يشعر البعض أنه في حالة كمون واستر
خاء