الأربعاء، ٢ مايو ٢٠٠٧

التحدي الأول للمعارضة والحزب الوطني ـ د. عصام العريان

شاركت خلال الأسبوعيين الماضيين في ورشتي عمل حول النظام الانتخابي الأفضل في ظل التعديلات الدستورية الجديدة وقانون مباشرة الحقوق السياسية الذي قد يصدر خلال أيام قبيل انتخابات مجلس الشورى.تم عقد الندوتين في مركز بحثي وإحدى منظمات المجتمع الأهلي، وكانت مشاركة الأحزاب السياسية محدودة جدا.تعكس هذه الندوات وورش العمل بقية الأمل الذي لم يتبخر بعد من صدور المهمومين بشأن مستقبل هذا الوطن رغم كل الألم الذي يعتصر القلوب بعد الانتكاسة الكبرى التي حدثت في الأسابيع الماضية بسبب التعديلات الدستورية المهينة لعقول المصريين والتي هلهلت الدستور المصري وأفقدته التماسك والتناسق وأصبح متناقضا في نصوصه ركيكا في صياغته وقد انعكس ذلك في الاقتراحات التي تداولتها الورشتان حتى أصبح الشعار السائد ما فيش حد فاهم حاجة في أي حاجة وأكد الجميع صحة ما يتم تداوله أننا لسنا بصدد قانون واحد سيصدر لمباشرة الحقوق السياسية بل سيتم إصدار 3 تعديلات على القانون خلال السنة القادمة : الأول من أجل انتخابات مجلس الشورى ثم الثاني لمواجهة انتخابات المحليات بعدها والثالث سيكون لمجلس الشعب وبذلك يدخل القانون 73 لسنة 1956 موسوعة جينس للأرقام القياسية فقد تم تعديله حتى الآن 11 مرة بعد صدوره مباشرة عام 56 وحتى العام 2005.أجمع المشاركون تقريبا على أن نخبة ضيقة جدا داخل الحزب الوطني الحاكم ـ بعيدا عن بقية أعضاء الحزب أو أحزاب المعارضة ـ هي التي أعدت بالفعل التعديلات التي سيتم إقرارها بالأغلبية الأوتوماتيكية الميكانيكية في مجلس الشعب والشورى وأن ما يقال عن حوار مع أحزاب المعارضة ما هو إلا "فرقعة حنك" وضحك على الشعب، فإذا لم يكن هناك حوار حقيقي بالفعل داخل الحزب الوطني نفسه فكيف يكون هناك حوار مع الشعب أو أحزاب المعارضة؟!.يبدو لي أحيانا أن الأهم في هذه الندوات وورش العمل هو التفاهم الجاد بين التيارات السياسية حول قضايا المستقبل ، وبناء ركائز لمشاريع قوانين تنظيم الحياة السياسية عندما ينتهي كابوس الاستبداد والديكتاتورية الجاثم على صدر المصريين فلابد لهذا الليل من آخر فلا نبدأ من فراغ، فهي أشبه بتمارين فكرية وعقلية وبحثية حول نقاط الاتفاق فنعظمها ونحرص على تقويتها وعرض نقاط الاختلاف وهي غالبا قليلة لكنها هي الأهم لمزيد من الحوار حولها من أجل الوصول إلى حسمها.ذكرّنا الأستاذ حسين عبد الرازق أمين عام حزب التجمع بحقيقة راسخة وهي أن كل قوي المعارضة عام 1990 من أقصي اليمين إلى أقصي اليسار بما فيهم الإخوان المسلمون والشيوعيون أعدوا مشروع قانون لمباشرة الحقوق السياسية وتم صياغته النهائية في مقر الإخوان بالتوفيقية (المغلق بالشمع الأحمر منذ عام 1995) وكان الأستاذ خالد محي الدين (متعه الله بالصحة) يتقدم به سنويا حتى عام 1999 ويتم وأده في لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب لا يتجاوز درج رئيس اللجنة السيد محمد جويلي.وهذا يعكس أمرين : الأول : أن المعارضة متفقة فيما بينها على ضوابط ممارسة ومباشرة الحقوق السياسية، وأنها جادة في طرح القانون بمجلس الشعب.الثاني : أن الحزب الحاكم أو بالأحرى النخبة العنيفة المسيطرة لا تريد ولا ترغب في أي إصلاح سياسي حقيقي، وأنها تحت الضغط الشعبي والمتواصل وأصوات المعارضة العالية والإحراجات الدولية تلجأ إلى التجميل وتأخذ من اقتراحات المعارضة جزءا يسيرا تنتزعه من سياقه العام وتضعه في تعديل شكلي ينتج عنه تشويه جديد في القوانين بما يؤدي إلى أن إلغاءها هو الحل الأمثل.هناك جديد في التعديلات الدستورية ستؤثر بلا شك في صياغة القوانين المقترحة، كما أن هناك نصوصا دستورية ما زالت قائمة تحافظ على حقوق أصلية لا يمكن إلغائها بحال من الأحوال مما يجعل التضارب بين النصوص لا يمكن حسمه إلا بأحكام من المحكمة الدستورية العليا إمّا بتفسير النصوص أو أحكام ملزمة.ما هي القضايا الحاكمة في قانون مباشرة الحقوق السياسية ؟ أولا : من له حق الانتخاب ومن له حق الترشيح ؟ ولماذا يُحرم البعض من ذلك الحق ؟ ثانيا : جداول الناخبين وكيفية ضبطها، والحل المقترح هو العودة إلى سجلات مصلحة الأحوال المدنية التي يتم بها ضبط المواليد والوفيات، واعتماد الرقم القومي في إثبات الشخصية والتوقيع بالبصمة لمنع التزوير.ثالثا : اللجنة العليا لإدارة الانتخابات : تشكيلها واختصاصها والطعن على قراراتها.رابعا : الرقابة والإشراف على الاقتراع بعد تقليص دور القضاء أو تهميشه بحيث أصبح شكليا، وما هي وسائل الرقابة الأخرى المقترحة لمنع التسويد والتزوير أو تقليله، وهناك تجارب سابقة في انتخابات لم يكن بها إشراف قضائي استطاعت المعارضة تحقيق نتائج جيدة.خامسا : الفرز في اللجان الفرعية وبحيث يكون علنيا وشفافا وليس سريا.سادسا : الطعون على الإجراءات والنتائج.***